قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح، إن تصريح وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، الذي تزامن مع مرور ثلاث سنوات على الانفجار المؤلم في مرفأ بيروت، يعكس فهماً محدوداً لطبيعة صنع القرار في الكويت، وسيوضيح موقعنا ذلك في مقال (الكويت تستنكر تصريحات وزير الاقتصاد اللبناني بشأن تمويل مرفأ بيروت).
ناشد وزير الاقتصاد اللبناني أمير الكويت نواف الأحمد الصباح، إعادة بناء صوامع القمح التي دمرها انفجار 4 آب في مرفأ بيروت، حفاظا على الأمن الغذائي.
وقال سلام في حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية: “المال موجود في صندوق التنمية الكويتي، وبجرة قلم” يمكن اتخاذ قرار إعادة بناء الصوامع “.
وقع انفجار “مرفأ بيروت” قبل 3 سنوات، وأسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى، بالإضافة إلى التسبب في تدمير عدد من المرافق الحكومية اللبنانية الحيوية، مثل صوامع الغلال، وهي الصوامع التي مولتها الكويت عام 1969 بقرض مقدم من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية.
استنكر الشيخ سالم الصباح، في بيان لوزارة الخارجية الكويتية، تصريح وزير الاقتصاد اللبناني الذي يتناقض مع أبسط الأعراف السياسية ويعكس فهماً محدوداً لطبيعة صنع القرار في دولة الكويت. والتي تقوم على أسس دستورية ومؤسسية تشمل المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة.
وأوضح وزير الخارجية أن دولة الكويت لديها سجل تاريخي غني في دعم الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، لكن دولة الكويت ترفض بشكل قاطع أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية.
وعليه، حث وزير الخارجية وزير الاقتصاد اللبناني على سحب هذا البيان حرصا منه على العلاقات الثنائية الطيبة القائمة بين البلدين.
انفجار مرفأ بيروت:
بعد ثلاث سنوات من انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من 220 شخصًا وتسبب في إصابة 6500 بجروح، لا يزال ملف التحقيق في الحادث منسيًا ويواجه عدة عقبات تتعلق أساسًا بالأزمة السياسية في البلاد.
أدى الانفجار، الذي تحل ذكراه الثالثة يوم الجمعة 4 آب / أغسطس، إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي بدأت ملامحها قبل نحو عام من وقوعها وتسارعت بعده، حيث أصبحت الدولة عاجزة عن توفير أبسط الخدمات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتأمين الصحي، في وقت أصبح فيه 80٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
يوم الثلاثاء في الرابع من آب/أغسطس 2020، اندلع حريق لم تعرف أسبابه في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، تلاه بعد دقائق من الساعة السادسة مساء (15,00 ت غ) انفجار هائل.
ألحق الانفجار دمارا ضخما بالمرفأ والأحياء القريبة منه، وأودى بحياة أكثر من 220 شخصا وتسبب بسقوط 6500 جريح.
وبعيد ساعات قليلة من وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة بشكل عشوائي في العنبر.
في 6 آب/أغسطس، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت حيث تفقد المرفأ والأحياء المتضررة، ودعا إلى تحقيق دولي في التفجير، وهو ما رفضته السلطات اللبنانية.
أحداث تابعة لإنفجار المرفأ:
مظاهرات ومواجهات:
– في 8 آب، تظاهر آلاف اللبنانيين ضد المسؤولين السياسيين الذين ألقوا باللوم عليهم في المأساة. وشهدت المظاهرات مواجهات عنيفة بين المتظاهرين الغاضبين وقوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي بكثافة.
– وأعلن عدد من الوزراء استقالتهم على التوالي، حتى أعلن رئيس الوزراء حينها حسان دياب
في 10 آب / أغسطس استقالة حكومته.
قضايا الإهمال:
– في 10 كانون الأول 2020، رفع المحقق القضائي في قضية الانفجار فادي صوان دعوى قضائية
ضد دياب وثلاثة وزراء سابقين بتهمة “الإهمال والتقصير والتسبب في الوفاة” وإصابة المئات بجروح.
ومع ذلك، وبسبب الضغوط السياسية التي تدين المزاعم ضد المسؤولين، تم عزل صوان
في 18 فبراير 2021، وتم تعيين طارق بيطار خلفًا له.
– رفض مجلس النواب السابق رفع الحصانة عن النواب الذين شغلوا مناصب وزارية،
ورفضت وزارة الداخلية منحه الإذن باستجواب القيادات الأمنية، ورفضت الأجهزة الأمنية تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عنه.
– بعد ذلك، غرق التحقيق في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية بعد عشرات الدعاوى
القضائية التي حاصرت عمل المحقق القضائي، رفع معظمها مسؤولون متهمون.
ايقاف التحقيق في الانفجار:
– في 11 أكتوبر 2021، استنكر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ما وصفه بـ “حرية التصرف”
للمحقق القضائي، داعيًا إلى قاضٍ “أمين وشفاف” لاستكمال التحقيق في القضية.
– وفي 14 تشرين الأول / أكتوبر، قُتل سبعة أشخاص بنيران أعيرة نارية خلال مظاهرة
لمؤيدي حزب الله وحركة أمل ضد المحقق القضائي.
– ووقف التحقيق في الانفجار أربع مرات بسبب قيود على يدي المحقق العدلي كانت آخرها في 23 ديسمبر 2021.
الأزمة السياسية:
– وخسر حزب الله وحلفاؤه الأغلبية في البرلمان بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت
في مايو 2022، لكن لم يحصل أي حزب على الأغلبية المطلقة.
– في نهاية تشرين الأول 2022 انتهت ولاية الرئيس ميشال عون.
– فشل مجلس النواب اللبناني 12 مرة آخرها في 14 حزيران 2023 في انتخاب رئيس للبلاد،
ما عمّق الأزمة السياسية والاقتصادية في ظل وجود حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات.
تكملة التحقيق:
– في 23 يناير / كانون الثاني 2023، أعلن المحقق القضائي طارق بيطار بشكل مفاجئ
استئناف تحقيقاته بعد 13 شهرًا من إيقافها بسبب دعاوى تعاقبية رفعها عدد من المتهمين.
– قرر بيطار الإفراج عن خمسة من المعتقلين السبعة عشر الذين تم اعتقالهم منذ الانفجار،
ومنعهم من السفر بينهم عامل سوري ومسؤولان سابقان في الميناء.
– قررت محاكمة ثمانية أشخاص جدد، بينهم النائب العام غسان عويدات، وتحديد مواعيد لاستجواب 13 متهماً.
– في اليوم التالي، أعلن النائب العام رفض جميع قرارات بيطار. ووجهت إليه تهمة
“على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة” وصدر ضده حظر من السفر.
– وهكذا دخل التحقيق فصلاً جديداً في معركة قضائية غير مسبوقة، عطلت عمل المحقق القضائي
حتى إشعار آخر وأحبطت أهالي الضحايا الذين يلتمسون العدالة.
– وكان بيطار قد أعلن في السادس من شباط عن تأجيل جميع جلسات التحقيق مع المتهمين، والتي كان قد حددها بعد إعلان استئناف التحقيق، حيث قررت النيابة العامة التمييزية عدم الاعتراف بملاحظاته واستئنافها للتحقيقات.
ومنذ ذلك الحين، يبدو أن التحقيق قد سقط في طي النسيان، وأن المحقق العدلي معزول عن أروقة قصر العدل.
وبذلك، تم توضيح أن دولة الكويت تستنكر تصريحات وزير الاقتصاد اللبناني بشأن تمويل مرفأ بيروت، وأن التحقيقات في إنفجار المرفأ لم تكن بشكل جيد حتى الوقت الحاضر.