إن التضخم الاقتصادي أحد أكثر المصطلحات الاقتصادية شيوعًا. ومع ذلك، على الرغم من الاستخدام الواسع لهذا المصطلح، لا يوجد اتفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريفه. ويرجع ذلك إلى انقسام الرأي حول تعريف مفهوم التضخم، ويوضح موقعنا الحقيقة وراء تقارير تضخم تركيا الغير مسبوق (42%).
التضخم:
يستخدم هذا المصطلح لوصف عدد من الحالات المختلفة مثل:
– الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار.
– الدخل النقدي المتضخم أو أحد مكونات الدخل النقدي مثل الأجور أو أرباح الأسهم.
– ارتفاع التكاليف.
– إنشاء أرصدة نقدية زائدة.
ليس من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد في نفس الوقت، بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصاحب ذلك زيادة في الدخل النقدي، كما أنه من الممكن حدوث ارتفاع في التكاليف التي تحدث دون أن تقترن بزيادة في الأرباح، ومن الممكن أن يحدث الإفراط في تكوين الأموال دون ارتفاع الأسعار أو الدخل النقدي.
بعبارة أخرى، فإن الظواهر المختلفة التي يمكن أن يطلق عليها كل منها اسم “التضخم” هي ظواهر مستقلة عن بعضها البعض إلى حد ما، وهذا الاستقلال هو الذي يثير الارتباك في تعريف مفهوم التضخم.
يتميز مصطلح التضخم بالظاهرة التي يطلق عليها، وبالتالي تتكون مجموعة من المصطلحات منها:
– تضخم الأسعار: أي زيادة مفرطة في الأسعار.
– التضخم الخاص بالدخل: أي ارتفاع الدخل النقدي، مثل تضخم الأجور وتضخم الأرباح.
– تضخم التكلفة: أي زيادة في التكاليف.
– التضخم النقدي: أي الإفراط في إصدار العملة النقدية.
– تضخم الائتمان المصرفي: أي تضخم الائتمان.
فيعتبر التضخم ارتفاع مستمر وفعال في المستوى العام للأسعار. لذلك فإن الزيادة المؤقتة لا تعتبر تضخماً، وتجدر الإشارة إلى أن التضخم يعمل على تقليل القوة الشرائية للأفراد (كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها في حدود الدخل المتاح، حيث يمثل التضخم ارتفاعًا مستمرًا في أسعار السلع والخدمات).
خصائص ظاهرة التضخم:
ومن أبرز ملامح ظاهرة التضخم:
– إنه نتاج عوامل اقتصادية متعددة، قد تتعارض مع بعضها البعض.
– التضخم ظاهرة معقدة ومعقدة ومتعددة الأبعاد في نفس الوقت.
– الناتج عن اختلال العلاقات السعرية بين أسعار السلع والخدمات من جهة، وأسعار عوامل الإنتاج (مستوى الأرباح والأجور وتكاليف المنتج) من جهة أخرى.
– انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات، والذي يتم التعبير عنه على أنه “انخفاض في القوة الشرائية”.
أسباب التضخم:
ينشأ التضخم بسبب عوامل اقتصادية مختلفة، من أبرزها:
– التضخم الناتج عن التكاليف: ينشأ هذا النوع من التضخم بسبب زيادة التكاليف التشغيلية في الشركات الصناعية أو غير الصناعية مثل مساهمة إدارات الشركات في رفع رواتب وأجور موظفيها وخاصة العاملين في مواقع الإنتاج، الذي يأتي بسبب مطالب العمال برفع الأجور.
– التضخم الناتج عن الطلب: ينشأ هذا النوع من التضخم من زيادة حجم الطلب النقدي، والذي يصاحبه عرض ثابت للسلع والخدمات، حيث أن الزيادة في إجمالي الطلب لا يقابلها زيادة في الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة في الأسعار.
– ينتج التضخم عن التغيرات الكلية في تكوين الطلب الكلي في الاقتصاد أو التغيرات في الطلب النقدي، حتى لو كان هذا الطلب مفرطًا أو لا يوجد تركيز اقتصادي، حيث أن الأسعار عرضة للارتفاع ولا تخضع للانخفاض على الرغم من انخفاض الطلب.
– التضخم الناتج عن ممارسة الحصار الاقتصادي على الدول الأخرى، الذي تمارسه القوى الخارجية، كما حدث للعراق وكوبا من قبل أمريكا، ونتيجة لذلك فإن الاستيراد والتصدير غير موجودين في حالة الحصار الشامل مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي انخفاض قيمة العملة الوطنية وزيادة الأسعار بمعدلات غير معقولة.
– زيادة الفائدة النقدية: اقترح بعض الباحثين مؤخرًا أن زيادة قيمة الفائدة النقدية على قيمتها الإنتاجية أو الحقيقية هي أحد أكبر أسباب التضخم.
التضخم في تركيا:
– أظهر مسح اقتصادي كبير تدهورًا جديدًا في توقعات التضخم في تركيا بسبب تراجع
قيمة العملة المحلية، حيث يتوقع المحللون ارتفاع أسعار المستهلكين بأسرع وتيرة لها منذ عقدين.
– بحسب الاستطلاع الذي أجراه البنك المركزي، يتوقع المحللون أن يصل معدل التضخم خلال الأشهر الـ 12 المقبلة إلى 42 في المائة، وهو ما يزيد عن التوقعات في مسح الشهر الماضي بتسع نقاط مئوية، كما يتوقع المحللون انخفاضًا في سعر الليرة التركية مقابل الدولار بأكثر من 20 في المائة خلال العام المقبل.
– تعكس هذه النتائج جزئياً التقديرات الرسمية للبنك المركزي، الذي قال الشهر الماضي إنه يتوقع أن
يصل معدل التضخم إلى 58 في المائة سنوياً في نهاية العام الحالي، مقابل 22.3 في المائة
نهاية العام الماضي، ونتيجةً للتضخم، حدث انخفاض في قيمة الليرة.
– أوضحت وكالة بلومبرج للأنباء، أن الليرة التركية تراجعت بنسبة 31 في المائة منذ بداية العام الجاري،
ما يعكس قرارات الحكومة الأخيرة بزيادة الضرائب لسد عجز الموازنة.
– أظهرت بيانات اقتصادية نُشرت مطلع الشهر الجاري، ارتفاع معدل التضخم في اسطنبول، العاصمة
الاقتصادية لتركيا، في يوليو الماضي، مع تطبيق زيادة الضرائب على مجموعة واسعة من السلع لمعالجة عجز الموازنة.
– وفقًا لبيانات غرفة تجارة اسطنبول، ارتفع معدل التضخم لأسعار التجزئة في المدينة بنحو 10 في المائة
شهريًا خلال الشهر الماضي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف المعدل المسجل في الشهر السابق.
– تعد الزيادة في معدل التضخم خلال الشهر الماضي هي الأكبر منذ أبريل 2022، وعلى أساس سنوي، بلغ معدل التضخم في اسطنبول خلال الشهر الماضي 64 في المائة، مقابل 55 في المائة خلال الشهر السابق، وقالت الغرفة أن ارتفاع معدل التضخم إلى زيادة الضرائب على مجموعة كبيرة من السلع والخدمات.
زيادات الضرائب:
أن تركيا فرضت سلسلة من الزيادات الضريبية خلال الشهر الماضي لمعالجة العجز الكبير في الميزانية الذي تضخم نتيجة المنح والمزايا التي قدمتها الحكومة للمواطنين خلال الانتخابات الرئاسية التي أجريت في مايو الماضي، بالإضافة إلى تكاليف إعادة الإعمار بعد الزلزال المدمر الذي تعرضت له تركيا، وتضمنت إجراءات خفض عجز الميزانية مضاعفة ضريبة الوقود ثلاث مرات.
نمو المبيعات التركية:
أظهرت بيانات مكتب الإحصاء التركي يوم أمس انخفاضًا في نمو مبيعات التجزئة في تركيا خلال شهر يونيو الماضي.
– ذكر مكتب الإحصاء أن مبيعات التجزئة ارتفعت في يونيو بنسبة 28.5 في المائة سنويًا،
مقارنة بـ 30.2 في المائة خلال الشهر السابق، واستمرت المبيعات في النمو منذ يونيو 2020.
– زادت مبيعات المواد غير الغذائية، باستثناء وقود السيارات، بنسبة 32 بالمائة سنويًا،
بينما زادت مبيعات المواد الغذائية والمشروبات والسجائر بنسبة 26.6 بالمائة.
– كما أظهرت البيانات نموًا في مبيعات أجهزة الكمبيوتر والكتب ومعدات الاتصالات بنسبة 52.3 بالمائة سنويًا.
على أساس شهري، زادت مبيعات التجزئة في يونيو بنسبة 4.2 في المائة بعد نموها بنسبة 5.3 في المائة في مايو.
– بالإضافة إلى ذلك، قال نائب الرئيس التركي، جودت يلماز ، أمس ، إنه يتعين على أنقرة مواصلة
جهودها لتعزيز الإنتاج والصادرات من أجل منع الاقتصاد من الانزلاق إلى الركود حتى في الوقت الذي تحارب فيه التضخم.
وبذلك، يعتبر التضخم في تركيا مستمر بشكل كبير، حيث تشير كافة المؤشرات إلى زيادة وإستمرار التضخم في الأوقات القادمة بشكل كبير.