إن – الله تعالى – خص أمة محمد صلى الله عليه وسلم بخصائص ومميزات عن بقية الأمم، ومن ذلك -أنه جل وعلا- اختار لهم هذا اليوم العظيم، وهو يوم الجمعة، وهو سيد الأيام وأفضلها عند الله، ويوضح موقعنا مكانة يوم الجمعة بمقال تحت عنوان (جمعة مباركة: فضل يوم الجمعة).
فضل يوم الجمعة:
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما عندما تحدث عن يوم الجمعة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا، فهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، المَقْضِيُّ لهمْ قَبْلَ الْخَلاَئِقِ”.
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا”.
وروى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تطْلُعُ الشَّمْسُ ولا تَغْرُبُ على يومٍ أفضلَ من يَوْم الجُمعة، وما من دابَّة إلا وهي تَفْزَعُ يومَ الجُمُعةِ إلا هَذيْنِ الثَّقَلَيْنِ الجنَّ والإنْسَ”.
ومن فضائل هذا اليوم: أن الله جعله عيدًا للمسلمين، روى ابن ماجه في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ، جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ”.
ومنها: أن فيه ساعة الإجابة، وهي الساعة التي لا يسأل الله عبد مسلم فيها شيئًا إلا أعطاه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَقَالَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا، يُزَهِّدُهَا”.
واختلف العلماء في وقتها على أقوال، أرجحها قولان:
الأول: أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، لكن حجة هذا القول عندما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي بردة بن أبي موسى: أن عبد الله بن عمر قال له: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة شيئًا؟ قال: نعم، سمعته يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إِلَى أَنْ تقْضَى الصَّلاَة.
الثاني: أنها بعد العصر، لكن هو أرجح القولين، لما روى النسائي من
حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، لاَ يُوجَدُ فِيهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلاَّ آتَاهُ إِيَّاهُ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ”.
وهذا القول هو قول أكثر السلف، وعليه أكثر الأحاديث، أما حديث أبي موسى السابق فقد أُعلَّ بعلل كثيرة أشار إليها الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري.
ومنها أنه يوم تكفير السيئات، عندما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ”.
آداب يوم الجمعة:
– استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عندما نكون في يوم الجمعة وليلتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي من حديث أوس بن أوس: “مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجمُعَةِ، فِيهِ خلِقَ آدَمُ عليه السلام، وَفِيهِ قبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاَةِ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ معْرُوضَةٌ عَليَّ”. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟! أَيْ يَقُولُونَ: قَدْ بَلِيتَ. قَالَ: “إِنَّ اللهَ – عز وجل – قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام”.
– روى البيهقي في سننه من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدث عن يوم الجمعة قال:
“أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا”.
– الأمر بالاغتسال فيه، وهو أمر مؤكد جدًّا، ويرى بعض العلماء وجوب الغسل، روى البخاري
ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عندما قال:
أَشهدُ عَلَى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “الغسْل يَوْمَ الْجمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كلِّ محتَلِمٍ، وَأَنْ يسْتَنَّ، وَأنْ يمسّ طِيبًا إِن وجدَ”، فقد أوضح رسول الله عندما تحدث عن الاغتسال أنه واجب.
– استحباب قراءة سورة الكهف، روى الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَنْ قَرَأَ سورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النّورِ مَا بَيْنَ الْجمُعَتَيْنِ.
أجمل أدعية والكلمات عن يوم الجمعة:
– أسأل الله في يوم الجمعة أن يحبّب صالح خلقه فيك، ومن يد نبيّه يسقيك،
وفي الجنة يؤويك، وبالرحمة يحتويك، وبقضائه يرضيك، وبفضله يغنيك،
ولطاعته يهديك، ومن عذابه ينجيك، ومن شر الحسّاد يكفيك.
– اللهمّ اجعل هذا اليوم لأعزّ الناس عندي يوماً مباركاً، فيه الدعوة لا ترد وهبه رزقاً لا يعدّ،
وافتح له باب في الجنة لا يسد، واحشره في زمرة الصالحين
ومع النبّي الأمين سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم.
– يا من بيده مقاليد الأمور والخير كلّه، اجعل لأحبتي في هذا اليوم دعوة مستجابة،
ومع كل نسمة هواء كربة مزاحة، وفي كل لحظةٍ قربة وطاعة.
– عندما تبحث عن النور في زمن الظلمة، أدعوك لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة.
صبّحك المولى برضوانه، وبلّغك عفوه وغفرانه وجعلك من السابقين إلى روضات جناته،
وأكرمك بالنظر في سبحات وجهه ونورانه، وأسعدك كما يسعد الشهيد بصحبة أهله وخلاّنه،
طابت جمعتك بالطاعة وعطر الفلّ وريحانه.
– كل جمعة وأنت إلى الرحمن أقرب، كل جمعة وصحائف أعمالك بالحسنات أثقل،
كل جمعة وهمّتك للجنة أكبر.
– جعل الله صباح يوم الجمعة لكم نور، وظهره سرور، وعصره استبشار، ومغربه غفران،
وجعل لكم دعوة لا ترد، ووهبكم رزق لا يعد، وفتح لكم باب في الجنة لا يسد.
– اللّهم أيقظه في أحب الأوقات إليك فيذكرك وتذكره، ويستغفرك فتغفر له،
ويطلبك فتعطيه، ويستنصرك فتنصره، ويحبك فتحبه وتكرمه، وأشهدك أني أحبه فيك،
فاحفظه واحفظ عليه دينه، وأسعد قلبه دائماً، وبارك له في جمعته.
وبذلك، إن ليوم الجمع مكانة كبيرة، وفضل كبير يتميز به عن باقي أيام الأسبوع، فهو يعتبر عيد للمسلم في كل أسبوع.