الرقية الشرعية يقصد بها قراءة الآيات القرآنية أو الأدعية الشرعية مع الدعاء في الموضع الذي يتألم منه الجسد (أو على المريض المراد رقيته)، ويوضح موقعنا فوائد الرقية الشرعية وتنفيذها شكل صحيح.
منع الشرع اعتبار الرقية كمهنة يمتهن بها ممن يظن أنه من ذوي الصلاح والرشد فيقوم بقراءة الآيات والادعية على المرضى مقابل أجرٍ مادي نظير عمله، وهذا الأمر محرم في الإسلام لما فيه من خداع للناس واستغلال حاجتهم والأضرار المتسببة لذلك.
حكم الرقية الشرعية:
– تعد الرُّقية من السُنن الواردة والأُمور المشروعة عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-،
وقد ذكر الإمامُ البُخاريّ في صحيحه العديد من الأحاديث التي تدُلُّ على مُشروعيَّتها،
كالحديث الوارد عن عائشة -رضي الله عنها- في باب رُقية العين:
(أَمَرَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوْ أمَرَ أنْ يُسْتَرْقَى مِنَ العَيْنِ)، ومن الأدلة أيضاً، فعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ).
– ذكر العُلماءُ في حُكمها؛ أنَّها من الأمور التي أباح الإسلام التداوي بها من الأمراض بشكلٍ عامّ، ومن العين والمسِّ والسحر والحسد بشكلٍ خاصّ، وكان الصحابةُ الكِرام يرقون غيرهم بآياتٍ من القُرآن، وكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يأمرُ زوجاته بالرُّقية وعلاج غيرهنّ بِالقُرآن، فقد ورد أنَّه أمر عائشة -رضي الله عنها- بالرُّقية من العين، وثبتت الرُّقية بقول وفعل وإقرار النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، كإقراره لبعض الصحابة الذين قاموا برُقية أحدِ أسياد العرب، فقال لهم: (وما كانَ يُدْرِيهِ أنَّها رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي بسَهْمٍ).
أقسام الرقية الشرعية وتنفيذها بشكل صحيح:
– تقسم الرُّقيةُ بشكلٍ عام إلى قسمين، فالقسم الأول:
ما كان فيه نوعٌ من الشرك، كالاعتقاد بالشفاء من غير الله -تعالى-، والقسم الثاني هو الرُّقية الشرعيّة الصحيحة، وجاء عن الإمامُ ابن حجر والإمام النوويّ نقلهما الإجماع على مشروعية الرُّقية إذا توافرت فيها الشُروط الثلاثة الآتية:
– أن تكون بكلام الله -تعالى-، أو باسمٍ من أسمائه، أو بصفةٍ من صفاته، أو بالأدعية المشروعة
أو المُباحة، فقد ذكر الله -تعالى- في كتابه أنَّه أنزله ليكون شفاءً للناس.
– ورد أنَّ جبريل -عليه السلام- قام بِرُقية النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بآياتٍ من القُرآن، وكذلك كان يُرقي النبي نفسه بالإخلاص والمُعوذتين، ثُمّ يمسح بهما على جسده، ولمّا مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت عائشة -رضي الله عنها- تنفثُ في يده وتقرأ عليها، وتمسحُ بيده على جسده للبركة.
– تكون الرَقية بوضع الإنسان ريقه على إصبعه ويضعهُ في التُراب، حيث ثبت (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ لِلْمَرِيضِ: بسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا)، أو قد تكون من خلال وضع اليد على مكان الألم والدُعاء ببعض الأدعية المأثورة، كقول: “بسم الله بسم الله بسم الله، أعوذ بعزَّة الله وقدرته وسلطانه من شرِّ ما أجد وأحاذر” ثلاث مرات، وذكر الإمامُ الشافعيّ جواز أن تكون بذكر الله -تعالى-، وجاء عن ابن عبد البر أنّ الذكر من الآثار الواردة في طرد الشياطين.
– تكون بالّلُغة العربيّة، أو بأيّ لُغةٍ أُخرى معروفة المعنى، وأن تكون بعيدة عما لا يُفقه معناه.
– أن يكون الاعتقاد بعدم تأثير الرُّقية بذاتها؛ وإنَّما التأثير يكون بإذن الله -تعالى-؛ فالاعتقاد الصحيح
يكون بالإيمان بأنَّ الله -تعالى- هو الضارُّ والنافع.
فوائد الرقية الشرعية:
الرُقيّة الشرعيّة لها الكثير من الفوائد، ومنها ما يأتي:
– الرقية منحةٌ من الله -تعالى- لِعِباده، حيثُ أنَّ فيها شفاءٌ للناس؛ لأنّها تحتوي على آياتٍ من القُرآن، لِقولهِ -تعالى-:
(وَننَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا)،
كما أنَّها من شعائر الإسلام لأنّه حثَّ عليها وندب إليها؛ للاستشفاء بها من الكثير من الأمراض.
– الرقية مخرج من المصائب في الدُنيا والآخرة للراقي والمُرقي، وينال من يقوم بها الثواب من الله؛
فهي من باب تفريج الكرب عن المُسلمين، لما فيها من الاقتداء بالأنبياء والصالحين،
وفيها دفعٌ للشياطين، وشرِّ السّحرة والمُشعوذين.
– الرُّقية تحفظ الإنسان من المسِّ والسِّحر، وتكون وقايةً له بإذن الله -تعالى-، بالإضافةِ إلى أنَّ
فيها ذكرٌ لله -تعالى- وأدعيةٌ مأثورة، واللجوء إلى الله -تعالى- بأسمائه وصفاته.
الرقية الشرعية للعين والحسد:
– تعدّ الرقية الشرعية علاجاً فعالاً ومفيداً للعين والحسد حيث تساعد المريض
في عودته إلى حالته الطبيعية والشفاء من كل الأمراض الناتجة عن العين والحسد مثل:
ألام الرّأس، الشّعور ببرودة شديدة في الأيدي، اصفرار الوجه، النّعاس والرّغبة في النّوم وغيرها من الأمراض.
– قد وردت نصوص شرعية تدل على أن النبي محمد ﷺ أمر بها ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:
– أمرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – أو أمر أن نسترقي من العين.
– ذكرت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، دعاء كان جبريل يرقي به النبي محمد
عندما يصيبه حسد أو مرض، حيث تقول: كانَ إذَا اشْتَكَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ
رَقَاهُ جِبْرِيلُ، قالَ: باسْمِ اللهِ يبْرِيكَ، ومنْ كلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، ومنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدَ، وشَرِّ كلِّ ذِي عَيْنٍ، كما ورد في صحيح البخاري.
الرقية الشرعية للمريض:
– الرقية الشرعية تنفع المريض أيضًا، فهناك العديد من الأحاديث الصحيحة التي كان
يدعو بها النبي محمد إذا مرض أو مرض أحد أهله، أو لجأ اليها أحد من المسلمين، ومن هذه الأحاديث:
– تروي عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
كانَ يقولُ لِلْمَرِيضِ: باسْمِ اللَّهِ، ترْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا.
– تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري، إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
كانَ إذَا أتَى مَرِيضًا -أوْ أتِيَ به- قَالَ: أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشفِ وأنتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يغَادِرُ سَقَمًا.
– يقول أبو هريرة رضي الله عنه، في نتائج الأفكار لابن حجر العسقلاني:
من قالَ حين يصبحُ أعوذ بكلماتِ الله التاماتِ من شرِّ ما خلقَ ثلاثَ مراتٍ لم تضرهُ عقربٌ
حتى يمسِي، ومن قالها حينَ يمسي لم تضرُّه حتى يصبحَ
– عن عبد الله بن عباس في سنن الترمذي، يروي عن النبي محمد قائلا:
ما مِن عبد مسلم يعود مريضًا لم يحضر أجله، فيقول سبْعَ مرَّاتٍ: أسأل الله العظيم ربَ العرش العظيم أن يشفِيك، إلا عوفِيَ.
وبذلك، للرقية الشرعية أهمية كبيرة، فتم توضيح فوائد الرقية الشرعية وتنفيذها شكل صحيح للحصول على أقصى استفادة منها بفضل الله.